الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
53431 مشاهدة print word pdf
line-top
لا تُضْرَبُ للسنة الأمثال

8- ولا تُضْرَبُ لها الأمثال.
9- ولا تُدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هو الاتِّباع وترك الهوى.


لا تضرب لها الأمثال كردٍّ عليها أو انتقاد لما ثبت بالسُّنَّة، وقد قال -تعالى- فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .
وهو رد على المشركين الذين يقيسون الرب -تعالى- بآلهتهم كما في قولهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى .
وقولهم: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ .
فهكذا لا تُضرب الأمثال لسُنَّة النبي-صلى الله عليه وسلم- كقول المشركين: أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا .
وكقوله: لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ .
فعلينا أن نصدق هذا النبي ونعمل بالسُّنّة التي ثبتت عنه ولا نردها ولا نسلط عليها التأويلات والتقديرات، كحديث النزول كالذين قالوا: إما أن يخلو منه العرش وإما أن لا يخلو، وأحاديث الرؤية بأن يقال: إن الرؤية تستلزم كذا وكذا ونحو ذلك.
وأما كونها لا تُدرك بالعقول والأهواء، فالمراد أن عقول البشر قاصرة عن إدراك كيفية الأمور الغيبية، وكذا معرفة الحِكَم والمصالح التي شُرعت لأجلها الأحكام، فإن هناك من اعترض على بعض الفرائض والمحرمات وأوردوا شبهات في التشكيك في شرعيتها كالحكمة في الطواف بالبيت وتقبيل الحجر الأسود والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجِمار، والحكمة في تحريم الربا وهي تحصل مع التراضي، وكذا الزنا برضى الطرفين، وشرب الخمر الذي هو لذيذ تطرب له النفس ونحو ذلك.
ولقد تكلم العلماء -رحمهم الله تعالى- بما فتح الله عليهم فبيَّنوا الحِكم والمصالح في أمور الشريعة، وإن كانوا قد توقفوا في بعضها مع اعتقادهم أنها عين المصلحة، وقالوا: لا قدرة لنا على إدراك الأمور الغيبية كعذاب القبر ونعيمه وصفة الروح واتصالها بصاحبها في الدنيا وفي البرزخ، وكذا كيفية البعث والحشر وما بعده، فليس علينا سوى القبول والاتّباع وترك الهوى وترك الاعتراض عليها بمجرد الظن والنظر وذلك غاية الرضى والتسليم، والله أعلم.

line-bottom